بطريقة غريبة.. استعرضت موسكو وبرلين قواتهما ببولندا
في يوم 23 أغسطس 1939، أبرم الألمان والسوفيت اتفاقية مولوتوف ريبنتروب (Molotov–Ribbentrop) التي مثلت وثيقة عدم اعتداء بين الطرفين. وبطياتها، تضمت هذه الاتفاقية بنودا سرية اتفقت من خلالها برلين وموسكو على تقاسم أراضي بولندا التي مثلت بتلك الفترة دولة مستقلة ذات سيادة.
وبحلول مطلع أيلول/سبتمبر 1939، باشر الألمان تدخلهم بالأراضي البولندية، معلنين بذلك بداية الحرب العالمية الثانية حيث لم تتردد كل من فرنسا وبريطانيا في إعلان الحرب على ألمانيا كرد على عملية غزو بولندا. وتنفيذا لما جاء باتفاقية مولوتوف ريبنتروب، عبر الجيش الأحمر السوفيتي الحدود البولندية الشرقية منتصف أيلول/سبتمبر من العام نفسه وسط غياب مقاومة بولندية فاعلة. وفي الاثناء، تقدمت الجيوش السوفيتية قبل أن تجد نفسها وجها لوجه مع القوات الألمانية.
الألمان والسوفيت ببرست ليتوفسك
وبفضل تفوقهم التقني والتكنولوجي، تمكن الألمان من سحق القوات البولندية بفترة وجيزة. ويوم 13 أيلول/سبتمبر 1939، بلغت قوات الجنرال الألماني هانز غودريان (Heinz Guderian) مدينة برست ليتوفسك (Brest-Litovsk) البولندية واحتلتها في غضون 4 أيام فقط. وعلى إثر ذلك، اتجه الجنرال غودريان لتركيز مركز قيادة العمليات العسكرية بهذه المدينة. وبالأيام القليلة التالية، تلقى هانز غودريان أوامر بالتراجع والانسحاب من برست ليتوفسك بسبب تواجدها بمناطق النفوذ السوفيتية حسب ما نص عليه الاتفاق الألماني السوفيتي. فضلا عن ذلك، منح السوفيت الألمان مهلة لحدود يوم 22 أيلول/سبتمبر 1939 لإتمام انسحابهم من برست ليتوفسك.
وفي غضون هذه الأحداث، اقتربت الفرقة المدرعة السوفيتية التاسعة والعشرون، بقيادة الجنرال سيميون كريفوشين (Semyon Krivoshein) من برست ليتوفسك. ومع لقائه بعدد من المبعوثين العسكريين الألمان، تحمس الجنرال السوفيتي للقاء نظيره الألماني غودريان للاحتفال بالنصر السريع الذي حققته العملية العسكرية الألمانية السوفيتية ضد بولندا.
استعراض ألماني سوفيتي
لقي طلب الجنرال السوفيتي سيميون كريفوشين استحسان المبعوثين العسكريين الألمان. وصباح يوم 22 أيلول/سبتمبر 1939، استدعي كريفوشين لتناول فطور الصباح رفقة نظيره الألماني هانز غودريان. وأثناء هذا اللقاء، عرض غودريان على كريفوشين إجراء استعراض عسكري مشترك بين القوات الألمانية والسوفيتية بوسط مدينة برست ليتوفسك. وعلى الرغم من تحمسه لهذه الفكرة، اعتذر كريفوشين عن القيام بذلك بسبب حالة الإرهاق التي عانت منها القوات السوفيتية. وفي مقابل ذلك، تعهد الجنرال السوفيتي بتوفير بعض الكتائب العسكرية الصغيرة لتمثيل الجيش الأحمر بالاستعراض كما أكد على استعداده لحضور استعراض عسكري ألماني بالمنطقة كممثل عن الاتحاد السوفيتي.
قبيل بداية الاستعراض، زيّن الجنود السوفيت شوارع برست ليتوفسك بعلامات الصليب المعقوف النازي والنجوم الحمراء السوفيتية. وفي حدود الساعة الرابعة مساء، بدأ الاستعراض العسكري الذي عزف أثناءه النشيدان الألماني والسوفيتي. وأثناء مرورها بساحة المدينة وشوارعها، تلقت القوات الألمانية التحيات من الجنود السوفيت. وفي خضم هذا الاستعراض، أشاد الجنرالان كريفوشين وغودريان بتضحيات جنودهما ونجاح العملية العسكرية ضد بولندا.
بمذكراته، تحدث كريفوشين عن سبب رفضه استعراض قواته ببرست ليتوفسك حيث أكد الأخير على حالة التعب التي عانت منها قواته، بسبب تنقلها طيلة الأيام الفارطة لمسافات طويلة دون الحصول على كميات وافرة من الراحة. وبالاستعراض، تخوّف كريفوشين من أن تظهر قواته بمستوى ضعيف ودنيء مقارنة بنظيرتها الألمانية.
مع نهاية الاستعراض، غادرت القوات الألمانية المنطقة متجهة نحو الضفة الغربية من نهر بوك (Bug) لتبسط على إثر ذلك القوات السوفيتية هيمنتها على برست ليتوفسك.
اكتشاف المزيد من موسوعة أنوار
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد